وجدت بعض الدراسات مؤخراَ أن الأطفال الذين لا يمتلكون أو يفتقرون إلى مهارة حل المشكلات هم أكثر الأطفال عرضة للاكتئاب والانتحار وبعض المشاكل العقلية والنفسية الأخرى، لذلك فإن تدريب وتنمية مهارة حل المشكلات لدى طفلك تساعده على تحسن الصحة العقلية وتخطى العديد من الأزمات
فإن مهارة حل المشكلات وتنميتها بداخل طفلك تعد المفتاح الذي يساعده على إدارة حياته، فمثلاَ في حالة عدم تمكنه من العثور على واجباته المدرسية في الرياضيات أو نسيان غداءه.
يمكنك البدء في تدريس المهارات الأساسية لحل المشاكل خلال مرحلة ما قبل المدرسة ومساعدة طفلك على صقل مهاراته خلال مرحلة المراهقة في المدرسة الثانوية وخارجها.
لماذا مهارات حل المشكلات تعد مهمة؟
قد يتجنب الأطفال الذين يفتقرون إلى مهارات حل المشاكل اتخاذ إجراء في حال وجود مشكلة ما.
يواجه الأطفال يومياَ مجموعات متنوعة من المشاكل، تتراوح بين الصعوبات الأكاديمية والمشاكل في المجال الرياضي. ومع ذلك، فإن عددا قليلا منهم لديه القدرة على حل تلك المشاكل. وبدلا من صياغة طريقة لحل المشكلة، قد يستثمرون الوقت في تجنب هذه القضية، لهذا السبب يتأخر العديد من الأطفال في المدرسة أو يبذلون مجهود كبير للحفاظ على الصداقات.
الأطفال الذين يفتقرون إلى مهارات حل المشاكل قد يتجهون للقيام بفعل ما دون العلم بعواقبه. فقد يُعنف الطفل واحداً من أقرانه لمجرد أنه يقاطعه في الصف، فهو ليس لديه وعى كافي بما يجب عليه فعله أيضًا.
أو قد يخرجون من الصف عندما يتعرضون للتنمر أو المضايقة لأنهم لا يستطيعون التفكير في أي طرق أخرى تجعل من يؤذيه يتوقف عن ذلك. وقد تخلق هذه الخيارات المتهورة غير الصحيحة مشاكل أكبر على المدى البعيد.
كيفية تطوير مهارات حل المشكلات لدى الأطفال
يمكن للآباء البدء في تعليم وتدريب الأطفال على تطوير مهارات حل المشكلات في وقت مبكر من مرحلة ما قبل المدرسة. فالأمر كله يتعلق بإعطائهم الأدوات المناسبة لعمرهم التي يحتاجونها لحل المشكلات، بالإضافة إلى منحهم الكثير من الفرص للممارسة والعمل على تنميتها.
إليك بعض الحيل المختلفة التي تساعد على تطوير مهارة حل المشكلات لدى الأطفال:
1. الحديث عن العواطف وكيفية السيطرة عليها.
بالنسبة للطفل في مرحلة ما قبل الالتحاق بالمدرسة ورياض الأطفال، فإن الخطوة الأولى نحو حل المشكلات هي القدرة على إدراك عواطفه وتنظيمها وكيفية الاستجابة إليها.
أثناء الحديث عن العواطف مع الطفل عليك بصياغة بعض المفردات التي يحتاجونها منذ صغرهم. قل أشياء مثل: “من الطبيعي أن تشعر بخيبة أمل لأنك لا تستطيع رؤية صديقك المفضل اليوم” أو “الأم تشعر بالحزن لأنها فقدت شيء تحبه”.
دعهم يعرفون أن كل المشاعر حتى إن كانت سلبية وجودها شيء أساسي لا يمكن تجاهله. ولكن كيفية الاستجابة لها فهو أمر يرجع لنا وتحت سيطرتنا.
2-تشجيع اللعب الذاتي الموجه والإبداعي
عندما يُترك الأطفال وحدهم يتوجهون للقيام ببعض من أفضل ما لديهم من تعلم وإبداع. توفر بعض الأشياء التي أحيانا ما تبدو بسيطة مثل ارتداء الملابس الكثير من ممارسة حل المشكلات لدى الطفل.
قد يطرح الطفل الذي لا يستطيع العثور على حذاء التمرين الخاص به مجموعة من الأسئلة المختلفة: “أين حذائي؟ هل من الممكن أن يكون تحت الطاولة؟ هل يوجد لدى ما يجعلني الاستغناء عنه مؤقتا؟ هل يمكنني صنع حياتي الخاصة؟ هل يجب أن أرتدي زي بطل خارق بدلا من ذلك؟”. ففي حال عدم وجود الأبوين أو المعلم يجب أن يكون الطفل قادر على حل مشكلته وبالتالي مساعدة نفسه عن طريق إمعان التفكير في حلول خارج الصندوق.
3.لا تعطيهم كل الأجوبة
يجد الكثير من الآباء أنه من المغري جدا أن يركضوا وينقذوا أطفالهم من مشاكلهم لكنهم بذلك يفوتون دروس الحياة القيمة التي من الواجب نقلها إلى الطفل وتدريبه عليها.
عندما يواجه أطفالك مشكلة، لا تقفز على الفور لحل المشكلة أو لإعطائهم الحل الأمثل للتخلص منها. بدلا من ذلك، عليك بطرح الأسئلة المفتوحة التي تؤدي بهم إلى استكشاف المشكلة بنفسهم. اسأل: “هل هناك طريقة أخرى لمواجهة هذا؟ ما العواقب التي ستحدث في حال استخدامنا لهذه الطريقة؟”
ساعدهم ف استخراج أفكار عديدة بدون الحكم عليهم أو نقدهم، قدم لهم فرصة للتفكير بإبداع، عليك الاستعداد أيضًا لكثير من الأخطاء. هذه الطريقة مجزية حقاً في تدريب الطفل على مهارات حل المشكلات.
4. استكشاف مشاكل شخصيات القصص المصورة والكارتون.
الطفل يستوحى في حل مشاكله الإلهام من كل من حوله. وهذا يعني الآباء، والأمهات، والأسرة، والأصدقاء. ولكن هذا يعني أيضا شخصيات في كتبهم وأفلام الكارتون المفضلة.
في معظم كتب الأطفال، تُبنى القصة على أن تواجه الشخصية مشكلة وتحاول حلها على مدار الأحداث. في حال قراءتك للكتاب مع طفلك عليك دائما بأن تجعله يفكر في حال إن واجه نفس المشكلة فمثلاً ” في حال وجودك على نفس القارب، ماذا كنت ستفعل؟ ما هي الخيارات التي تملكها الشخصية؟ هل يمكنهم أن يخرجوا من مأزقهم بطريقة أخرى؟”
5. مشاركة أطفالك في مشاكل صغيرة في الحياة الحقيقية
في بعض من الأحيان نقول يجب ألا تثقل كاهل الأطفال بمشاكل كبيرة في عالم الكبار، ولكن إشراكهم في معضلات أصغر يمكن أن يكون طريقة قيمة حقا لتدريبه على ممارسة حل المشاكل.
عندما تواجه مشكلة صغيرة، شاركها مع أطفالك وتناقشوا حول إيجاد فكرة مثالية للخروج بأنسب حل. فعلى سبيل المثال، “كنت سأصنع الحساء على العشاء، ولكن ليس لدينا أي جزر. هل اذهب للمتجر لشرائه ام استبدل الجزر بعنصر مختلف؟”
هذا يبين لهم أن جميع من حولهم لديهم مشاكل وعليهم مواجهاتها والبحث عن حلول للخروج منها. ويمكن أن يكون طلبك للشورى بينهم وتقدير مدخلاتهم ومهاراتهم في حل المشكلات سبباً في تعزيز الثقة بأنفسهم.
6-علم طفلك كيفية إبداء الرأي
هذه مهارة تعليمية مهمة للطفل، فهي تجعله يستمع إلى آراء الآخرين حتى وإن كان لا يتوافق معهم في الرأي.
الأخلاق الحميدة تلعب دوراً كبيراً لإيصال أهمية الاستماع للآخرين والقدرة على مشاركة الآراء دون غضب أو إحباط.
جزء من الحياة هو تعلم تقبل الاختلاف، فكل مشكلة في الحياة لها عدة حلول، ويعتمد ذلك على رأي الشخص فيما يتعلق به والأكثر أهمية بالنسبة له.
7.القيام ببعض الأنشطة الممتعة.
فمثلاً يمكنك أن تطلب من أطفالك أن ينظروا إلى السُحب في يوم مشمس عند اصطحابهم للخارج، وأطلب منهم أن يخبروك كيف تبدو الغيوم من وجهة نظرهم. اسمح لهم بالتوصل إلى إجابات مختلفة – قطة أو ديناصور أو زهرة – وسؤالهم “ماذا يفعل هذا الحيوان أو الشيء؟ “هذه اللعبة البسيطة تعلم أطفالك مهارات التفكير المجرد.