يوم الأم

يوم الأم مخصص لتكريم الأمهات، وقد كانت بداياته مع أوائل القرن 20، ولاحت لظهوره عدة أسباب، أهمها انتشار جفاء الأمهات في المجتمعات الأوروبية والأمريكية مع تعاقب الأجيال، لذلك رأى المفكرين أن تخصيص يوم لتذكر فضل الأم وجهدها المبذول لبناء الأسرة والحفاظ عليها من الضروريات، ومع الوقت اتسعت رقعة الاحتفال بالأم وتكريمها ورد أفضالها على الأبناء حتى شملت كل بقاع العالم.

يوم الأم

لم يكن تخصيص هذا اليوم عائدًا فقط للجفاء الذي عانت منه الأمهات؛ ولكن كانت هناك مساعي سابقة ظهرت منذ عام 1872، حيث:

  • كانت الكاتبة جوليا وورد قد طرحت الفكرة في هذا العام بالولايات المتحدة، وكان ذلك بهدف إيجاد فرصة للسعادة بعد تأثير الحرب على أنماط الحياة للنساء.
  • كان الاحتفال في وقتها يتم عبر تجمع السيدات والأمهات في دور العبادة، وكذلك الساحات العامة، وكن يستمعن للخطب الرنانة عن أفضال الأم ومساعيها لمنح أبنائها حياة أفضل.
  • وفي خلال العام 1907 كانت آنا جارفس تناشد وتدعو للاحتفال بهذا اليوم على صعيد أوسع، وقد بدأت بالإعلان عن ذلك في كنيسة بفيرجينيا.
  • بعدما بذلت جهود دؤوبة كانت الولايات المتحدة بالفعل تحتفل كلها بهذا اليوم بصورة سنوية؛ فبحلول عام 1914 كان إعلان هذا اليوم عطلة في أمريكا، وذلك بقرار من ويلسون.
  • من هنا بدأ العالم ككل يحتذي بالولايات المتحدة، ويحتفل بيوم الأم، وذلك في تاريخ مخصص، والجدير بالذكر أنه ليس كل البلدان تحتفل به في يوم واحد، بل له أيام متغيرة حسب كل دولة، ولكنه غالبًا يكون في يوم 21 مارس.

الاحتفال العربي بيوم الأم

بداية ظهور الاهتمام بهذا اليوم من جهة البلدان العربية جاءت عام 1955 على يد الصحفي علي أمين، والذي بدأ الفكرة بكتابة اقتراح بسيط في جريدته ينم عن تساؤله بخصوص سبب عدم تحديد يوم للأم، مع تحويله لعيد خاص لها.

  • قام علي بنشر الاقتراح في الجريدة ليحصل على اهتمام القراء، ومبادراتهم بالقبول، وساهم في تخصيص يوم 21 مارس لذلك الغرض.
  • كان اختيار علي ليوم 21 خصيصًا راجع لكونه بداية فصل الربيع، وقد اعتبره اليوم الذي تتفتح فيه الورود، وكذلك القلوب.
  • ومع نداءه الأول اعتبر الرئيس عبد الناصر أن الفكرة غير مهمة، وأنه أمر سخيف، ولكن علي لم يستسلم، وذهب لوزير التعليم الذي قبل الفكرة فورًا.
  • ومع قبوله اتجه بنفسه لإقناع الرئيس بالتنفيذ، وقد كان له ما أراد، وبدأ الاحتفال الأول بيوم الام على نطاق عربي في مصر يوم 21 مارس 1956.
  • كانت مصر أول دولة عربية يُعترف فيها بيوم الأم، ومن بعدها تبنت الدول العربية الأخرى نفس الفكرة.
  • بدأ الناس يتفاعلون مع الفكرة، ويذكرون مكارم أمهاتهم، ويحتفلون بهن، حتى سادت هذه العادة في البلدان العربية مع تخصيص اليوم المقترح من قبل علي أمين.

لما يختلف يوم الأم من بلد لبلد؟

مما نعرفه أنه يوم 21 مارس، ولكن هذا التاريخ خاص بعيد الأم في بعض البلدان فقط، بينما هناك دول أخرى تحتفل بهذا اليوم في أيام مختلفة، فمثلا:

  • تحتفل به أمريكا كل ثاني أحد من مايو، وبذلك فهو ليس مخصصًا، ولكن الهدف من ذلك مقاربة التاريخ ليوم وفاة والدة آنا جارفيس تخليدًا لذكراها.
  • تسير بعض الدول على تخصيص أمريكا، ومن هذه الدول النمسا، واليونان وتركيا واليابان وإيطاليا.
  • بينما تحتفل بريطانيا به في آخر يوم أحد من مارس، ويلقب هذا التاريخ عندهم بلقب أحد الأمهات.
  • الدولة التي تسير خارج السياق هي النرويج، حيث تحتفل بهذا اليوم في فبراير، بتخصيص ثاني يوم أحد في الشهر من كل عام.
  • كما أن فرنسا تخصص لها الأحد الأول من يونيو، وبذلك فهي أيضًا خارج السياق.
  • بالنسبة لتايلاند فقد تم تخصيص يوم ميلاد الملكة للاحتفال، ولذلك تجد أن يوم الام لديهم في أغسطس.

عيد الأم ما بين الأمل والألم

يشعر بعض من الناس أن يوم الام قد يبعث في بعض القلوب الحزن تجاه أمهاتهم اللائي فقدوهن، ولكن يظل هذا اليوم مبعث البهجة، والسعادة، حيث:

  • تعيش خلاله الأسر طقوس تملأ القلوب بالمحبة والود، وهو وليمة كبيرة تجتمع عليها الأسرة لتناول الطعام اللذيذ، وتجاذب أطراف الحديث الممتع.
  • غالبًا ما ينتتهي اليوم بقبلة على جبين الأم السعيدة بتجمع أبناءها من حولها.
  • حين يكون هناك على الصعيد الآخر أبناء فقدوا أمهاتهم فإنهم يسعون لفعل الخيرات لهن؛ لتكون بمثابة صدقات جارية لهن.
  • هذا من شأنه كذلك بث السعادة في القلوب لأن المتوفى يسعد بالصدقة، وتنفعه بإذن الله.

دور الأم من منظور إسلامي

لا يوجد دين سماوي لم يدعُ لبر الأم واحترامها والحنو عليها والعناية بها خاصة في الكبر، ولذلك كانت مجتمعاتنا مترابطة، يعلم الأبناء فيها قدر أمهاتهم، ويقدمون لهن كل نفيس وغالٍ لإرضائهن، وقد كانت السنة والقرآن زاخران بالدلائل على وجوب بر الأم والاهتمام بشئونها، حيث:

  • كانت الأم هي من قيل عنها أن تحت قدميها الجنة، وهذا قدر عظيم كفله الله لها نظرًا لما تقاسيه في الجلد والصبر على تربية الأبناء ورعايتهم.
  • كان للأم ودعائها عظيم الأثر في حياة الأبناء، ولرضاها عنهم نور في أي درب يسلكونه في مسارات حياتهم.
  • لم ينس الإسلام الأمهات في أي مرحلة من مراحل حياتهن، ووفر لهن مصادر رزقهن، وكلفهن تربية الإنسان.
  • حازت الأم المهمة الأكثر إنسانية، والقدر الجليل في كل زمان، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم رغب في بر الأم ثلاثًا مقابل البر بالأب، ولم يكن ذلك تقليلًا من قدر الأب، ولكن تعظيمًا لما تقدمه الأم لأبنائها.
  • الآيات القرآنية اقترن فيها توحيد الله عز وجل ببر الوالدين، خاصةً الأم، كما بين عظيم أثر برها، والحنو عليها وطاعتها سواء في الدنيا أو في الآخرة.
  • كانت المرأة بوجه عام مكرمة في الإسلام، خاصة حين قيامها بدورها في تنشئة الأجيال، وتربية الأبناء، فكفل الله لها حقها في الرعاية والمأكل والملبس والحياة الكريمة كزوجة، وكذلك البر والطاعة كأم.
  • من أكبر الآثام العقوق للوالدين، وبصورة خاصة عقوق الأم، لذلك يجب على كل امرئ أن يرعى والديه في كبره كما قاما برعايته في طفولته، وألا يقسو عليهما ولا ينسى لهما معروفًا.
  • تقدير الجهود التي تقوم بها الأم تجاه أبناءها كما يرون وكما يعلمون أنها، تحب ما دام ذلك في إطار مشروع من المستحبات التي تدخل السرور في النفس، وتعطي الأم انطباعا بتقدير أبنائها لها وحبهم الشديد.
  • كل يوم نعيشه مع أمنا هو عيد وهو نعمة نتنعم بوجودها والعيش تحت أرجلها ، وكل لحظة يمن الله علينا بها معها  تستحق شكر النعمة ، وكل عام وكل أم بسعادة وصحة وخير وعافية.